كل مايلمسه الامريكي يتبخر

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع لا يمت للسياسة بشيء إنما هو موضوع مقاوم للوجود الأمريكي- وهو مرفوض مرفوض مرفوض-

بقلم: د. ثائر دوري
تدريجياً تتحول منطقتنا التي أرادها الأميركان قاعدة لمشروعهم الإمبراطوري إلى ثقب أسود هائل يمتص كل عناصر القوة الأميركية، وكل من تباركهم هذه الدولة.
ميدل ايست اونلاين
تتحدث أسطورة شهيرة عن رجل كلما لمس شيئاً يتحول إلى ذهب، لكن قصة السيد بوش اليوم معاكسة لتلك الأسطورة، فكل ما يلمسه السيد بوش يتحول إلى معدن بخس، أو يحترق ويتبخر بسرعة.
هذا هو ما حدث للسياسية الباكستانية الراحلة بنازير بوتو، التي اندفعت كالفراش نحو النار الأميركية فاحترقت، فالسيدة بنازير التي كانت تعيش منفية في دبي تقدمت بأوراق اعتمادها للأميركان متعهدة بتقديم كل التنازلات التي أحجم حليفهم مشرف على تقديمها مثل حق دخول الجيش الأميركي إلى منطقة القبائل، وتعهدها بتسليم أبو القنبلة النووية عبد القدير خان إلى وكالة الطاقة الذرية لتحقق معه. كما زايدت على مشرف بموضوع مكافحة الإرهاب متبنية طريقة التفكير الأميركية التي تختصر مكافحة الإرهاب ببعده الأمني متجاهلة الظلم السياسي، والتهميش الاقتصادي، وإهانة الكرامة القومية بواسطة جيوش الاحتلال، وكلها أمور يجب أن تعالج حتى نعالج ظاهرة ما يسمى بالإرهاب،فإذا تم تجاهل كل ذلك بقي الحل الأمني الذي يعني ارتكاب المزيد من المجازر بحق المدنيين والفقراء ومقاومي الاحتلال. ولعل آخر صورة للسيدة بوتو قبل مقتلها والتي جمعتها بالسيد كرزاي تختصر الموضوع. فالسيدة بنازير صارت على بعد خطوة من رئاسة الوزراء ببرنامج سياسي خارجي هو برنامج السيد كرزاي في بلد تمور بتيارات سياسية تكره السياسة الأميركية. لقد وجد بها الأميركان سنداً لإستراتيجيتهم الموشكة على الانهيار، فباتت بالنسبة لهم صمام أمان من انفجار مجتمعي معاد لهم.
بدت السيدة بوتو في الأيام الأخيرة واثقة من خطواتها. ألم يباركها كاهن المعبد الأميركي الأكبر، ومسها بيدها التي كانت مباركة؟ لكنها نست أنها هذه اليد باتت ملعونة اليوم، فتبخرت.
قبل عقد من الزمان كانت مباركة رئيس أميركي لسياسي من العالم الثالث أو من أوربا الشرقية، التي بدأت تدخل جنان الرأسمالية، كانت هذه المباركة كافية لتحول ذاك السياسي إلى سياسي ذهبي بعد أن مسته اليد الأميركية، فتنفتح بوجهه أبواب الصعود السياسي إلى أعلى المراتب.لا بل إننا شهدنا نموذجاً جديداً من السياسيين أصحاب الجنسية المزدوجة، الأميركية والمحلية، فاستلم مواطنون أميركان،مقسمين يمين الولاء للدولة الأميركية، استلموا الحكم في أكثر من دولة من تانسو تشيلر التركية إلى أكثر من دولة في أوربا الشرقية ومنهم الجورجي الحالي، والأوكراني المتزوج من أميركية تعمل في وكالة المخابرات المركزية الأميركية، وبدا أن هذا النموذج سيتم تعميمه على كل أنحاء العالم. لكن لعنة العراق أوقفت هذا المسار، ففقدت يد الرئيس الأميركي قدراتها السحرية لا بل حدث العكس. فبدأ كل المقربين منه داخل أميركا وخارجها يحترقون، فقد احترق رموز المحافظين الجدد من ريتشارد بيرل إلى رامسفيلد وبول وولفيتز.....الخ، وفي الخارج كانت الأمور تسير بنفس المسار فاحترق أثنار الإسباني، ثم بيرلسكوني الإيطالي، وتلاهما بلير البريطاني، وأخيراً هاوارد الأسترالي. وها هي بنازير تدفع ثمن اقترابها من النيزك الأميركي المحترق لتقتل بهذه الطريقة الدموية المرعبة.
من بيروت إلى كراتشي وإسلام أباد مروراً ببغداد يحترق الكوكب الأميركي ويتهاوى مشتعلاً ومشعلاً الحرائق. وتدريجياً تتحول هذه المنطقة التي أرادها الأميركان قاعدة لمشروعهم الإمبراطوري إلى ثقب أسود هائل يمتص كل عناصر القوة الأميركية، وكل من تباركهم هذه الدولة.
ماذا نقول عن الذين لا يرون ولا يسمعون، وإن فعلوا فهم لا يفقهون. فبينما ركاب السفينة الغارقة يقفزون منها، أو يسارعون بالابتعاد عن مكان سقوط هذا النيزك المحترق، نرى من يحاول أن يحجز مكاناً على ظهرها السفينة أو كالفراش يحوم حول النار الأميركية التي تحترق وتحرقه، لا بل يبيع الغالي والرخيص في سبيل أن يركبها!
قديماً قالوا "العاقل من اتعظ من تجربة غيره"، فماذا نقول بهؤلاء الذين يريدون أن يركبوا في سفينة قبل غرقها بربع ساعة؟ هل نشكك بسلامة قواهم العقلية؟ ماذا نقول بالكرازيات الحاليين أم أولئك الطامحين بأن يكونوا كرزاي بلدهم، وهم يرون المصير الذي ينتظره؟
لا حول ولا قوة إلا بالله.
أخيراً أمام هذا الحدث الدموي لا يملك الإنسان إلا أن يدينه فلغة الدم والقمع مدانة في السياسة، لكن المسؤول الأساسي عن كل ما يجري هو الأميركي صانع العنف الأساسي، الذي ملأ دروب الشرق بالدم واللصوص وقطاع الطرق والمتعصبين، وهي التي كانت عبر التاريخ دروب تواصل وتلاقح بين الحضارات والشعوب ويسير عبرها التجار والشعراء والأنبياء، فأنتجت التسامح والمحبة والفلسفات الإنسانية. ولن تعود هذه البلدان إلى وضعية التسامح والتعايش بين مختلف الأفكار والديانات والمذاهب إلا برحيل الأميركي صاحب العصا الغليظة.
لقد كان هذا الشرق عبر التاريخ منبعاً لكل الحضارات وأكثر من تسعين بالمائة من الأفكار التي أنتجتها البشرية، فتلاقحت الحضارات والأفكار، وتعايشت بجانب بعضها لآلاف السنين. قبل أن يأتي الغربي حاملاً الدم في ركابه ناشراً العنف والتعصب محولاً الحرب إلى طريقة حياة بعد أن كانت قبله رياضة كما يقول تشومسكي

شكراً لك حبيبي الغالي
على مجهودك الرائع
وعلى موضوعك الاروع
اتمنى لك الاستمتاع في منتدانا

مشكور على الموضوع